فصل: باذنجان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الطب النبوي **


  بصل

روى أبو داود في سننه‏:‏ عن عائشة رضي الله عنها، أنها سئلت عن البصل، فقالت‏:‏ إن آخر طعام أكله رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان فيه بصل‏.‏

وثبت عنه في الصحيحين أنه منع آكله من دخول المسجد‏.‏

والبصل‏:‏ حار في الثالثة، وفيه رطوبة فضلية ينفع من تغير المياه، ويدفع ريح السموم، ويفتق الشهوة، ويقوي المعدة، ويهيج الباه، ويزيد في المني، ويحسن اللون، ويقطع البلغم، ويجلو المعدة، وبزره يذهب البهق، ويدلك به حول داء الثعلب، فينفع جدًا، وهو بالملح يقلع الثآليل، وإذا شمه من شرب دواء مسهلًا منعه من القيء والغثيان، وأذهب رائحة ذلك الدواء، وإذا استعط بمائه، نقى الرأس، ويقطر في الأذن لثقل السمع والطنين والقيح، والماء الحادث في الأذنين، وينفع من الماء النازل في العينين اكتحالًا يكتحل ببزره مع العسل لبياض العين، والمطبوخ منه كثير الغذاء ينفع من اليرقان والسعال، وخشونة الصدر، ويدر البول، ويلين الطبع، وينفع من عضة الكلب غير الكلب إذا نطل عيها ماؤه بملح وسذاب، وإذا احتمل، فتح أفواه البواسير‏.‏

وأما ضرره‏:‏ فإنه يورث الشقيقة، ويصدع الرأس، ويولد أرياحًا، ويظلم البصر، وكثرة أكله تورث النسيان، ويفسد العقل، ويغير رائحة الفم والنكهة، ويؤذي الجليس، والملائكة، وإماتته طبخًا تذهب بهذه المضرات منه‏.‏

وفي السنن‏:‏ أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر آكله وآكل الثوم أن يميتهما طبخًا ويذهب رائحته مضغ ورق السذاب عليه‏.‏

 باذنجان

في الحديث الموضوع المختلق على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏الباذنجان لما أكل له‏)‏، وهذا الكلام مما يستقبح نسبته إلى آحاد العقلاء، فضلًا عن الانبياء، وبعد‏:‏ فهو نوعان‏:‏ أبيض وأسود، وفيه خلاف، هل هو بارد أو حار‏؟‏ والصحيح‏:‏ أنه حار، وهو مولد للسوداء والبواسير، والسدد والسرطان والجذام، ويفسد اللون ويسوده، ويضر بنتن الفم، والأبيض منه المستطيل عار من ذلك‏.‏

 حرف التاء

 تمر

ثبت في الصحيح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏من تصبح بسبع تمرات وفي لفظ‏:‏ من تمر العالية لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر‏)‏‏.‏ وثبت عنه أنه قال‏:‏ ‏(‏بيت لا تمر فيه جياع أهله‏)‏‏.‏ وثبت عنه أكل التمر بالزبد، وأكل التمر بالخبز، وأكله مفردًا‏.‏

وهو حار في الثانية، وهل هو رطب في الأولى، أو يابس فيها‏؟‏‏.‏ على قولين‏.‏ وهو مقو للكبد، ملين للطبع، يزيد في الباه، ولا سيما مع حب الصنوبر، ويبرئ من خشونة الحلق، ومن لم يعتده كأهل البلاد الباردة فإنه يورث لهم السدد، ويؤذي الأسنان، ويهيج الصداع، ودفع ضرره باللوز والخشخاش، وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن بما فيه من الجوهر الحار الرطب، وأكله على الريق يقتل الدود، فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية، فإذا أديم استعماله على الريق، خفف مادة الدود، وأضعفه وقلله، أو قتله، وهو فاكهة وغذاء، ودواء وشراب وحلوى‏.‏

 تين

لما لم يكن التين بأرض الحجاز والمدينة، لم يأت له ذكر في السنة، فإن أرضه تنافي أرض النخل، ولكن قد أقسم الله به في كتابه، لكثرة منافعه وفوائده، والصحيح‏:‏ أن المقسم به‏:‏ هو التين المعروف‏.‏

وهو حار، وفي رطوبته ويبوسته قولان، وأجوده‏:‏ الأبيض الناضج القشر، يجلو رمل الكلى والمثانة، ويؤمن من السموم، وهو أغذى من جميع الفواكه وينفع خشونة الحلق والصدر، وقصبة الرئة، ويغسل الكبد والطحال، وينقي الخلط البلغمي من المعدة، ويغذو البدن غذاء جيدًا، إلا أنه يولد القمل إذا أكثر منه جدًا‏.‏

ويابسه يغذو وينفع العصب، وهو مع الجوز واللوز محمود، قال جالينوس‏:‏ وإذا أكل مع الجوز والسذاب قبل أخذ السم القاتل، نفع، وحفظ من الضرر‏.‏

ويذكر عن أبي الدرداء‏:‏ أهدي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ طبق من تين، فقال‏:‏ ‏(‏كلوا و أكل منه، وقال‏:‏ لو قلت‏:‏ إن فاكهة نزلت من الجنة قلت‏:‏ هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا منها فإنها تقطع البواسير، وتنفع من النقرس‏)‏‏.‏ وفي ثبوت هذا نظر‏.‏

واللحم منه أجود، ويعطش المحرورين، ويسكن العطش الكائن عن البلغم المالح، وينفع السعال المزمن، ويدر البول، ويفتح سدد الكبد والطحال، ويوافق الكلى والمثانة، ولأكله على الريق منفعة عجيبة في تفتيح مجاري الغذاء وخصوصًا باللوز والجوز، وأكله مع الأغذية الغليظة رديء جدًا، والتوت الأبيض قريب منه، لكنه أقل تغذية وأضر بالمعدة‏.‏

 تلبينة

قد تقدم إنها ماء الشعير المطحون، وذكرنا منافعها، وأنها أنفع لأهل الحجاز من ماء الشعير الصحيح‏.‏

 حرف الثاء

 ثلج

ثبت في الصحيح‏:‏ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ‏(‏اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد‏)‏‏.‏

وفي هذا الحديث من الفقه‏:‏ أن الداء يداوى بضده، فان في الخطايا من الحرارة والحريق ما يضاده الثلج والبرد، والماء البارد، ولا يقال‏:‏ إن الماء الحار أبلغ في إزالة الوسخ، لأن في الماء البارد من تصليب الجسم وتقويته ما ليس في الحار، والخطايا توجب أثرين‏:‏ التدنيس والإرخاء، فالمطلوب مداواتها بما ينظف القلب ويصلبه، فذكر الماء البارد والثلج والبرد إشارة إلى هذين الأمرين‏.‏

وبعد فالثلج بارد على الأصح، وغلط من قال‏:‏ حار، وشبهته تولد الحيوان فيه، وهذا لا يدل على حرارته، فإنه يتولد في الفواكه الباردة، وفي الخل، وأما تعطيشه، فلتهييجه الحرارة لا لحرارته في نفسه، ويضر المعدة والعصب، وإذا كان وجع الأسنان من حرارة مفرطة، سكنها‏.‏

  ثوم

هو قريب من البصل، وفي الحديث‏:‏ ‏(‏من أكلهما فليمتهما طبخًا‏)‏‏.‏ وأهدي إليه طعام فيه ثوم، فأرسل به إلى أبي أيوب الأنصاري، فقال‏:‏ يا رسول الله، تكرهه وترسل به إلي‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏إني أناجي من لا تناجي‏)‏‏.‏

وبعد فهو حار يابس في الرابعة، يسخن تسخينًا قويًا، ويجفف تجفيفًا بالغًا، نافع للمبرودين، ولمن مزاجه بلغمي، ولمن أشرف على الوقوع في الفالج، وهو مجفف للمني، مفتح للسدد، محلل للرياح الغليظة، هاضم للطعام، قاطع للعطش، مطلق للبطن، مدر للبول، يقوم في لسع الهوام وجميع الأورام الباردة مقام الترياق، وإذا دق وعمل منه ضماد على نهش الحيات، أو على لسع العقارب، نفعها وجذب السموم منها، ويسخن البدن، ويزيد في حرارته، ويقطع البلغم، ويحلل النفخ، ويصفي الحلق، ويحفظ صحة أكثر الأبدان، وينفع من تغير المياه، والسعال المزمن، ويؤكل نيئًا ومطبوخًا ومشويًا، وينفع من وجع الصدر من البرد، ويخرج العلق من الحلق، وإذا دق مع الخل والملح والعسل، ثم وضع على الضرس المتأكل، فتته وأسقطه، وعلى الضرس الوجع، سكن وجعه‏.‏ وإن دق منه مقدار درهمين، وأخذ مع ماء العسل، أخرج البلغم والدود، وإذا طلي بالعسل على البهق، نفع‏.‏

ومن مضاره‏:‏ أنه يصدع، ويضر الدماغ والعينين، ويضعف البصر والباه، ويعطش، ويهيج الصفراء، ويجيف رائحة الفم، ويذهب رائحته أن يمضع عليه ورق السذاب‏.‏

 ثريد

ثبت في الصحيحين عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ‏(‏فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام‏)‏‏.‏

والثريد وإن كان مركبًا، فإنه مركب من خبز ولحم، فالخبز أفضل الأقوات، واللحم سيد الإدام، فإذا اجتمعا لم يكن بعدهما غاية‏.‏

وتنازع الناس أيهما أفضل‏؟‏ والصواب أن الحاجة إلى الخبز أكثر وأعم، واللحم أجل وأفضل، وهو أشبه بجوهر البدن من كل ما عداه، وهو طعام أهل الجنة، وقد قال تعالى لمن طلب البقل، والقثاء، والفوم، والعدس، والبصل‏:‏ ‏{‏أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏ 62‏]‏، وكثير من السلف على أن الفوم الحنطة، وعلى هذا فالآية نص على أن اللحم خير من الحنطة‏.‏

 حرف الجيم

 جمار

قلب النخل، ثبت في الصحيحين‏:‏ عن عبد الله بن عمر قال‏:‏ بينا نحن عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جلوس، إذ أتي بجمار نخلة، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏إن من الشجر شجرة مثل الرجل المسلم لا يسقط ورقها‏.‏‏.‏‏.‏ الحديث‏)‏‏.‏ والجمار‏:‏ بارد يابس في الأولى، يختم القروح، وينفع من نفث الدم، واستطلاق البطن، وغلبة المرة الصفراء، وثائرة الدم وليس برديء الكيموس، ويغذو غذاء يسيرًا، وهو بطيء الهضم، وشجرته كلها منافع، ولهذا مثلها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالرجل المسلم لكثرة خيره ومنافعه‏.‏

 جبن

في السنن عن عبد الله بن عمر قال‏:‏ ‏(‏أتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بجبنة في تبوك، فدعا بسكين، وسمى وقطع‏)‏ رواه أبو داود، وأكله الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ بالشام، والعراق، والرطب منه غير المملوح جيد للمعدة، هين السلوك في الأعضاء، يزيد في اللحم، ويلين البطن تليينًا معتدلًا، والمملوح أقل غذاء من الرطب، وهو رديء للمعدة، مؤذ للأمعاء، والعتيق يعقل البطن، وكذا المشوي، وينفع القروح، ويمنع الإسهال‏.‏

وهو بارد رطب، فإن استعمل مشويًا، كان أصلح لمزاجه، فإن النار تصلحه وتعدله، وتلطف جوهره، وتطيب طعمه ورائحته‏.‏ والعتيق المالح، حار يابس، وشيه يصلحه أيضًا بتلطيف جوهره، وكسر حرافته لما تجذبه النار منه من الأجزاء الحارة اليابسة المناسبة لها، والمملح منه يهزل، ويولد حصاة الكلى والمثانة، وهو رديء للمعدة، وخلطه بالملطفات أردأ بسبب تنفيذها له إلى المعدة‏.‏

 

حرف الحاء

 

حناء

قد تقدمت الأحاديث في فضله، وذكر منافعه، فأغنى عن إعادته‏.‏

 حبة السوداء

ثبت في الصحيحين‏:‏ من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال‏:‏ ‏(‏عليكم بهذه الحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام‏)‏‏.‏ والسام‏:‏ الموت‏.‏

الحبة السوداء‏:‏ هي الشونيز في لغة الفرس، وهي الكمون الأسود، وتسمى الكمون الهندي، قال الحربي، عن الحسن‏:‏ إنها الخردل، وحكى الهروي‏:‏ أنها الحبة الخضراء ثمرة البطم، وكلاهما وهم، والصواب‏:‏ أنها الشونيز‏.‏

وهي كثيرة المنافع جدًا، وقوله‏:‏ ‏(‏شفاء من كل داء‏)‏، مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏تدمر كل شيء بأمر ربها‏}‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 25‏]‏‏.‏ أي‏:‏ كل شيء يقبل التدمير ونظائره، وهي نافعة من جميع الأمراض الباردة، وتدخل في الأمراض الحارة اليابسة بالعرض، فتوصل قوى الأدوية الباردة الرطبة إليها بسرعة تنفيذها إذا أخذ يسيرها‏.‏

وقد نص صاحب القانون وغيره، على الزعفران في قرص الكافور لسرعة تنفيذه وإيصاله قوته، وله نظائر يعرفها حذاق الصناعة، ولا تستبعد منفعة الحار في أمراض حارة بالخاصية، فإنك تجد ذلك في أدوية كثيرة، منها‏:‏ الأنزروت وما يركب معه من أدوية الرمد، كالسكر وغيره من المفردات الحارة، والرمد ورم حار باتفاق الأطباء، وكذلك نفع الكبريت الحار جدًا من الجرب‏.‏

والشونيز حار يابس في الثالثة، مذهب للنفخ، مخرح لحب القرع، نافع من البرص وحمى الربع‏:‏ والبلغمية مفتح للسدد، ومحلل للرياح، مجفف لبلة المعدة ورطوبتها‏.‏ وإن دق وعجن بالعسل، وشرب بالماء الحار، أذاب الحصاة التي تكون في الكليتين والمثانة، ويدر البول والحيض واللبن إذا أديم شربه أيامًا، وان سخن بالخل، وطلي على البطن، قتل حب القرع، فإن عجن بماء الحنظل الرطب، أو المطبوخ، كان فعله في إخراج الدود أقوى، ويجلو ويقطع، ويحلل، ويشفي من الزكام البارد إذا دق وصير في خرقة، واشتم دائمًا، أذهبه‏.‏

ودهنه نافع لداء الحية، ومن الثآليل والخيلان، وإذا شرب منه مثقال بماء، نفعع من البهر وضيق النفس، والضماد به ينفع من الصداع البارد، واذا نقع منه سبع حبات عددًا في لبن امرأة، وسعط به صاحب اليرقان، نفعه نفعًا بليغًا‏.‏

وإذا طبخ بخل، وتمضمض به، نفع من وجع الأسنان عن برد، وإذا استعط به مسحوقًا، نفع من ابتداء الماء العارض في العين، وإن ضمد به مع الخل، قلع البثور والجرب المتقرح، وحلل الأورام البلغمية المزمنة، والأورام الصلبة، وينفع من اللقوة إذا تسعط بدهنه، وإذا شرب منه مقدار نصف مثقال إلى مثقال، نفع من لسع الرتيلاء، وإن سحق ناعمًا وخلط بدهن الحبة الخضراء، وقطر منه في الأذن ثلاث قطرات، نفع من البرد العارض فيها والريح والسدد‏.‏

وإن قلي، ثم دق ناعمًا، ثم نقع في زيت، وقطر في الأنف ثلاث قطرات أو أربع، نفع من الزكام العارض معه عطاس كثير‏.‏

وإذا أحرق وخلط بشمع مذاب بدهن السوسن، أو دهن الحناء، وطلي به القروح الخارجة من الساقين بعد غسلها بالخل، نفعها وأزال القروح‏.‏

وإذا سحق بخل، وطلي به البرص والبهق الأسود، والحزاز الغليظ، نفعها وأبرأها‏.‏

وإذا سحق ناعمًا، واستف منه كل يوم درهمين بماء بارد من عضه كلب كلب قبل أن يفرغ من الماء، نفعه نفعًا بليغًا، وأمن على نفسه من الهلاك‏.‏ وإذا استعط بدهنه، نفع من الفالج والكزاز، وقطع موادهما، وإذا دخن به، طرد الهوام‏.‏

وإذا أذيب الأنزروت بماء، ولطخ على داخل الحلقة، ثم ذر عليها الشونيز، كان من الذرورات الجيدة العجيبة النفع من البواسير، ومنافعه أضعاف ما ذكرنا، والشربة منه درهمان، وزعم قوم أن الإكثار منه قاتل‏.‏

حرير‏:‏ قد تقدم أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أباحه للزبير، ولعبد الرحمن بن عوف من حكة كانت بهما، وتقدم منافعه ومزاجه، فلا حاجة إلى إعادته‏.‏

 حرف

قال أبو حنيفة الدينوري‏:‏ هذا هو الحب الذي يتداوى به، وهو الثفاء الذي جاء فيه الخبر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ونباته يقال له‏:‏ الحرف، وتسميه العامة‏:‏ الرشاد، وقال أبو عبيد‏:‏ الثفاء‏:‏ هو الحرف‏.‏

قلت‏:‏ والحديث الذي أشار إليه، ما رواه أبو عبيد وغيره، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ‏(‏ماذا في الأمرين من الشفاء‏؟‏ الصبر والثفاء‏)‏‏.‏ رواه أبو داود في المراسيل‏.‏

وقوته في الحرارة واليبوسة في الدرجة الثالثة، وهو يسخن، ويلين البطن، ويخرج الدود وحب القرع، ويحلل أورام الطحال، ويحرك شهوة الجماع، ويجلو الجرب المتقرح والقوباء‏.‏

وإدا ضمد به مع العسل، حلل ورم الطحال، وإذا طبخ مع الحناء أخرج الفضول التي في الصدر، وشربه ينفع من نهش الهوام ولسعها، وإذا دخن به في موضع، طرد الهوام عنه، ويمسك الشعر المتساقط، وإذا خلط بسويق الشعير والخل، وتضمد به، نفع من عرق النسا، وحلل الأورام الحارة في آخرها‏.‏

وإذا تضمد به مع الماء والملح أنضج الدماميل، وينفع من الإسترخاء في جميع الاعضاء، ويزيد في الباه، ويشهي الطعام، وينفع الربو، وعسر التنفس، وغلظ الطحال، وينقي الرئة، ويدر الطمث، وينفع من عرق النساء، ووجع حق الورك مما يخرج من الفضول، إذا شرب أو احتقن به، ويجلو ما في الصدر والرئة من البلغم اللزج‏.‏

وإن شرب منه بعد سحقه وزن خمسة دراهم بالماء الحار، أسهل الطبيعة، وحلل الرياح، ونفع من وجع القولنج البارد السبب، وإذا سحق وشرب، نفع من البرص‏.‏

وإن لطخ عليه وعلى البهق الأبيض بالخل، نفع منهما، وينفع من الصداع الحادث من البرد والبلغم، وإن قلي، وشرب، عقل الطبع لا سيما إذا لم يسحق لتحلل لزوجته بالقلي، وإذا غسل بمائه الرأس، نشاه من الاوساخ والرطوبات اللزجة‏.‏

قال جالينوس‏:‏ قوته مثل قوة بزر الخردل، ولذلك قد يسخن به أوجاع الورك المعروفة بالنسا، وأوجاع الرأس، وكل واحد من العلل التي تحتاج إلى التسخين، كما يسخن بزر الخردل، وقد يخلط أيضًا في أدوية يسقاها أصحاب الربو من طريق أن الأمر فيه معلوم أنه يقطع الأخلاط الغليظة تقطيعًا قويًا، كما يقطعها بزر الخردل، لأنه شبيه به في كل شيء‏.‏

 

حلبة

يذكر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏أنه عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بمكة، فقال‏:‏ ادعوا له طبيبًا، فدعي الحارث بن كلدة، فنظر إليه، فقال‏:‏ ليس عليه بأس، فاتخذوا له فريقة، وهي الحلبة مع تمر عجوة رطب يطبخان، فيحساهما، ففعل ذلك، فبرئ‏)‏‏.‏

وقوة الحلبة من الحرارة في الدرجة الثانية، ومن اليبوسة في الأولى، وإذا طبخت بالماء، لينت الحلق والصدر والبطن، وتسكن السعال والخشونة والربو، وعسر النفس، وتزيد في الباه، وهي جيدة للريح والبلغم والبواسير، محدرة الكيموسات المرتبكة في الأمعاء، وتحلل البلغم اللزج من الصدر، وتنفع من الدبيلات وأمراض الرئة، وتستعمل لهذه الأدواء في الأحشاء مع السمن والفانيذ‏.‏

وإذا شربت مع وزن خمسة دراهم فوة، أدرت الحيض، وإذا طبخت، وغسل بها الشعر جعدته، وأذهبت الحزاز‏.‏

ودقيقها إذا خلط بالنطرون والخل، وضمد به، حلل ورم الطحال، وقد تجلس المرأة في الماء الذي طبخت فيه الحلبة، فتنتفع به من وجع الرحم العارض من ورم فيه‏.‏

وإذا ضمد به الأورام الصلبة القليلة الحرارة، نفعتها وحللتها، وإذا شرب ماؤها، نفع من المغص العارض من الرياح، وأزلق الأمعاء‏.‏

وإذا أكلت مطبوخة بالتمر، أو العسل، أو التين على الريق، حللت البلغم اللزج العارض في الصدر والمعدة، ونفعت من السعال المتطاول منه‏.‏

وهي نافعة من الحصر، مطلقة للبطن، وإذا وضعت على الظفر المتشنج أصلحته، ودهنها ينفع إذا خلط بالشمع من الشقاق العارض من البرد، ومنافعها أضعاف ما ذكرنا‏.‏

ويذكر عن القاسم بن عبد الرحمن، أنه قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏استشفوا بالحلبة‏)‏‏.‏ وقال بعض الأطباء‏:‏ لو علم الناس منافعها، لاشتروها بوزنها ذهبًا‏.‏

 

حرف الخاء

 

خبز

ثبت في الصحيحين، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ‏(‏تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار كما يكفؤ أحدكم خبزته في السفر نزلًا لأهل الجنة‏)‏‏.‏

وروى أبو داود في سننه‏:‏ من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال‏:‏ كان أحب الطعام إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الثريد من الخبز، والثريد من الحيس‏.‏

وروى أبو داود في سننه أيضًا، من حديث ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏وددت أن عندي خبزة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن، فقام رجل من القوم فاتخذه، فجاء به، فقال‏:‏ في أي شيء كان هذا السمن‏؟‏ فقال‏:‏ في عكة ضب، فقال‏:‏ ارفعه‏)‏‏.‏

وذكر البيهقي من حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ ترفعه‏:‏ ‏(‏أكرموا الخبز، ومن كرامته أن لا ينتظر به الإدام‏)‏ والموقوف أشبه، فلا يثبت رفعه، ولا رفع ما قبله‏.‏

وأما حديث النهى عن قطع الخبز بالسكين، فباطل لا أصل له عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإنما المروي‏:‏ النهي عن قطع اللحم بالسكين، ولا يصح أيضًا‏.‏

قال مهنا‏:‏ سألت أحمد عن حديث أبي معشر، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏لا تقطعوا اللحم بالسكين، فإن ذلك من فعل الأعاجم‏)‏‏.‏ فقال‏:‏ ليس بصحيح، ولا يعرف هذا، وحديث عمرو بن أمية خلاف هذا، وحديث المغيرة ـ يعني بحديث عمرو بن أمية ـ‏:‏ كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحتز من لحم الشاة‏.‏ وبحديث المغيرة أنه لما أضافه أمر بجنب فشوي، ثم أخذ الشفرة، فجعل يحز‏.‏

 فصل‏:‏ وأحمد أنواع الخبز أجودها اختمارًا وعجنًا

ثم خبز التنور أجود أصنافه، وبعده خبز الفرن، ثم خبز الملة في المرتبة الثالثة، وأجوده ما اتخذ من الحنطة الحديثة‏.‏

وأكثر أنواعه تغذية خبز السميد، وهو أبطؤها هضمًا لقلة نخالته، ويتلوه خبز الحوارى، ثم الخشكار‏.‏

وأحمد أوقات أكله في آخر اليوم الذي خبز فيه، واللين منه أكثر تليينًا وغذاء وترطيبًا وأسرع انحدارًا، واليابس بخلافه‏.‏

ومزاج الخبز من البر حار في وسط الدرجة الثانية، وقريب من الإعتدال في الرطوبة واليبوسة، واليبس يغلب على ما جففته النار منه، والرطوبة على ضده‏.‏

وفي خبز الحنطة خاصية، وهو أنه يسمن سريعًا، وخبز القطائف يولد خلطًا غليظًا، والفتيت نفاخ بطيء الهضم، والمعمول باللبن مسدد كثير الغذاء، بطيىء الإنحدار‏.‏

وخبز الشعير بارد يابس في الأولى، وهو أقل غذاء من خبز الحنطة‏.‏

 خل

روى مسلم في صحيحه‏:‏ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ سأل أهله الإدام، فقالوا‏:‏ ما عندنا إلا خل، فدعا به، وجعل يأكل ويقول‏:‏ ‏(‏نعم الإدام الخل، نعم الإدام الخل‏)‏‏.‏

وفي سنن ابن ماجه عن أم سعد ـ رضي الله عنها ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ‏:‏ ‏(‏نعم الإدام الخل، اللهم بارك في الخل، فإنه كان إدام الأنبياء قبلي، ولم يفتقر بيت فيه الخل‏)‏‏.‏

الخل‏:‏ مركب من الحرارة، والبرودة أغلب عليه، وهو يابس في الثالثة، قوي التجفيف، يمنع من انصباب المواد، ويلطف الطبيعة، وخل الخمر ينفع المعدة الصلبة، ويقمع الصفراء، ويدفع ضرر الأدوية القتالة، ويحلل اللبن والدم إذا جمدا في الجوف، وينفع الطحال، ويدبغ المعدة، ويعقل البطن، ويقطع العطش، ويمنع الورم حيث يريد أن يحدث، ويعين على الهضم، ويضاد البلغم، ويلطف الأغذية الغليظة، ويرق الدم‏.‏

وإذا شرب بالملح، نفع من أكل الفطر القتال، وإذا احتسي، قطع العلق المتعلق بأصل الحنك، وإذا تمضمض به مسخنًا، نفع من وجع الأسنان، وقوى اللثة‏.‏

وهو نافع للداحس، إذا طلي به، والنملة والأورام الحارة، وحرق النار، وهو مشه للأكل، مطيب للمعدة، صالح للشباب، وفي الصيف لسكان البلاد الحارة‏.‏

 خلال

فيه حديثان لا يثبتان، أحدهما‏:‏ يروى من حديث أبي أيوب الأنصاري يرفعه‏:‏ ‏(‏يا حبذا المتخللون من الطعام، إنه ليس شيء أشد على الملك من بقية تبقى في الفم من الطعام‏)‏‏.‏ وفيه واصل بن السائب، قال البخاري والرازي‏:‏ منكر الحديث، وقال النسائي والأزدي‏:‏ متروك الحديث‏.‏

الثاني‏:‏ يروى من حديث ابن عباس، قال عبد الله بن أحمد‏:‏ سألت أبي عن شيخ روى عنه صالح الوحاظي يقال له‏:‏ محمد بن عبد الملك الأنصاري، حدثنا عطاء، عن ابن عباس، قال‏:‏ نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يتخلل بالليط والآس، وقال‏:‏ ‏(‏إنهما يسقيان عروق الجذام‏)‏، فقال أبي‏:‏ رأيت محمد بن عبد الملك ـ وكان أعمى ـ يضع الحديث، ويكذب‏.‏

وبعد‏:‏ فالخلال نافع للثة والأسنان، حافظ لصحتها، نافع من تغير النكهة، وأجوده ما اتخذ من عيدان الأخلة، وخشب الزيتون والخلاف، والتخلل بالقصب والآس والريحان، والباذروج مضر‏.‏